زهرات من رياض السنة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام للهدى، ونكت في قلوب أهل الطغيان فلا تعي الحكمة أبدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهاً أحدًا،فردًا صمدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ما أكرمه عبدًا وسيدًا، وأعظمه أصلاً وموردا ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه غُيوثِ الندى ولُيوثِ العِدى، صلاةً وسلامًا دائمين إلى أن يبعث الناس غداً ،


أما بعد

احبتى فى الله ... الفرق بين جيلنا وجيل الصحابة ان جيل الصحابة كانوا يتلقون المنهج القرانى للتطبيق والعمل فنالوا بذلك خيرى الدنيا والاخرة ،


أولا الاتباع :
وهذا فصل فى الاتباع ومعناه ، نرفع بهذا الفصل الهمم إلى إتباع سيد المرسلين فى كل قول وفعل ... ورحم الله سفيان الثورى قال ( ان استطعت الا تحك راسك الا بأثر فافعل )

معنى الاتباع فى الاصطلاح :

قال الامام احمد : هو ان يتبع الرجلُ ما جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم وعن اصحابه ثم هو من بعد فى التابعين مخير .
وقال بن عبد البر رحمه الله تعالى : الإتباع ما ثبت عليه الحجة وهو إتباع كل ما اوجب عليك الدليل قوله فالرسول صلى الله عليه وسلم هو المثل الأعلى في إتباع ما أُمر به .

الإتباع دليل محبة الله عز وجل :
للمحبة طرفان هما ( المحب ) و ( المحبوب ) وفيما يتعلق بمحبة الله عز وجل هما محبة العبد لربه ومحبة الرب لعبده ، ودليل الأولى هي إتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، والثانية هي ثمرة ذلك الإتباع ، ويؤكد ذلك قول الله تعالى ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ( العمران 31 )

آيات في الاتباع :

1- قوله تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) ( العمران 19 ) والشاهد من الآية قوله ( فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ )
2- قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المؤمنين ) ( الأنفال 62 ) والآية الأولى التي ذكرناها ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ( العمران 31 ) وغيرها من الآيات التي تشير الى هذا المعنى وكذلك هناك الكثير من الأحاديث نشير الى بعضها :
1- منها ( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَقَالَ أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي ) ( رواه احمد 3/387 وحسنة الالبانى فى المشكاة )
2- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى )
(الحديث صحيح رواه البخاري 7280)

وهناك الكثير من الاحاديث نكتفى بهذين الحديثين ، ثم نبين مثلا يوضح معنى الاتباع فى الواقع العملى فى حياة الصحابة رضوان الله عليهم :
فعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَنَبَذَهُ فَقَالَ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ
( البخارى 6574 ) هذا مثال حى لحقيقة الاتباع وهو ان تفعل مثلما يفعل ولا تفعل ما لا يفعل فتكون معه فى الجنة .
ويشهد لذلك أيضا فعل عمر رضي الله عنه فعَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : " رَأَيْت عُمَر قَبَّلَ الْحَجَر ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ : إِنَّك حَجَر لَا تَضُرّ وَلَا تَنْفَع ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَك مَا قَبَّلْتُك " ثُمَّ قَالَ " رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ مِثْل ذَلِكَ " ( البخاري 1494 )
عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا قَالَ ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( البخارى 1598 )
قال الحسن البصرى رحمه الله تعالى " السنة بين الغالي والجافي فاصبروا عليها رحمكم الله فإن أهل السنة كانوا اقل الناس فيما مضى ، وهم اقل الناس فيما بقى ، الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم ولا مع اهل البدع فى بدعهم ، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم فكذلك ان شاء الله فكونوا . ( اغاثة اللهفان 1/70 )
وقال رحمه الله فى قوله تعالى ( قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني ) قال : وكان علامة حبه إياهم إتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جعلت علامة حبهم الله اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم .
وغيرها الكثيير من الأحاديث والآثار نكتفى بهذه النقولات .

فوائد الإتباع :

الإتباع دليل المحبة ومجلبة لرحمة الله عز وجل وهو دليل الفلاح وقبول التوبة ويحصل للعبد به السعادة وطيب العيش وبه ضمان الإصابة وتجنب الوقوع في الخطأ .

ومنهج المشاركة سيكون عن خلق من اخلاق الرسول فى كل حلقة .... نتكلم عن هذا الخلق ثم نبدا فى التطبيق العملى ان شاء الله تعالى واتمنى من كل اخ واخت ان يشارك ولو بالدعاء لكاتب المشاركة ان يعلمه الله ويرفع جهله ... وان يرحمنا جميعا انه ولى ذلك والقادر عليه ...

وهذا مبتغانا ان نتبع نبينا الحبيب في كل شيء